دانت 7 منظمات تعنى بحقوق الإنسان استخدام برنامج بيغاسوس، التابع لمجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية، للتجسس على ستة مدافعين حقوقيين فلسطينيين. ثلاثة منهم ينتمون إلى جماعات المجتمع المدني الفلسطينية البارزة التي صنفتها السلطات الإسرائيلية مؤخرا على أنها “منظمات إرهابية”.

بدأت القصة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث قامت منظمة “فرونت لاين ديفندرز” بجمع البيانات حول الاختراق المشتبه به لأجهزة عدة فلسطينيين يعملون في منظمات المجتمع المدني في الضفة الغربية. وأشار التحليل إلى أنه تم اختراق ستة من الأجهزة قيد البحث عبر استخدام برنامج بيغاسوس. في سياق متصل، وبشكل مستقل، أكدا “سيتيزن لاب” ومختبر “الأمن التابع للعفو الدولية” المعلومات الواردة في تحليل “فرونت لاين ديفندرز”.

 

برنامج بيغاسوس

برنامج بيغاسوس، الذي طورته مجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية، يتم إدخاله خلسة إلى الهواتف الخلوية فيحوّل الجهاز المستهدف إلى أداة مراقبة محمولة من خلال الوصول إلى كاميرا الهاتف والميكروفون والرسائل النصية فيه، مما يتيح مراقبة الشخص المستهدف ورصد جهات الاتصال الخاصة به وغيره الكثير.

مجموعة “إن إس أو” ردت على التقارير بشأن استخدام بيغاسوس لاستهداف المدافعين الحقوقيين الفلسطينيين بالقول إنه “لاعتبارات تعاقدية ومتعلقة بالأمن الوطني، لا يمكننا تأكيد أو نفي هوية عملائنا الحكوميين. مجموعة إن إس أو لا تشغّل المنتجات بنفسها؛ بل ترخص الشركة وكالات حكومية للقيام بذلك، ونحن لسنا مطلعين على تفاصيل الأفراد الخاضعين للمراقبة”.

وأوضحت أن “المجموعة تطور تقنيات مهمة حتى تستخدمها مؤسسات إنفاذ القانون والاستخبارات حول أنحاء العالم للدفاع عن الشعوب من الجرائم الخطيرة والإرهاب. هذه التقنيات ضرورية للحكومات في مواجهة المنصات التي يستخدمها المجرمون والإرهابيون للتواصل من دون انقطاع”.

 

تصنيف المنظمات على أنها “إرهابية”

أشارت التحليلات التقنية إلى أن ثلاثة من الأشخاص الستة الذين تم اختراق أجهزتهم يعملون في منظمات المجتمع المدني الفلسطينية التي صنفتها الحكومة الإسرائيلية في 19 أكتوبر/تشرين الأول على أنها “منظمات إرهابية” بموجب “قانون مكافحة الإرهاب” لعام 2016.

من بين الأشخاص الذين تم اختراقهم:

– غسان حليقة، باحث ميداني ومدافع حقوقي يعمل في “مؤسسة الحق”.

– أُبَيّ العبودي، المدير التنفيذي لـ “مركز بيسان للأبحاث والتنمية”.

– صلاح حموري، محامي وباحث ميداني في “مؤسسة الضمير لدعم السجناء وحقوق الإنسان”، في القدس.

– بالإضافة إلى ثلاثة مدافعين حقوقيين آخرين لا يرغبون في الكشف عن هويتهم.

كم أن قرار إسرائيل بتصنيف منظمات المجتمع المدني على أنها “إرهابية” أثار إدانات وانتقادات دولية واسعة النطاق. حيث خلصت مجموعة من 17 خبيرا أمميا في بيان منفصل، إلى أن التصنيفات كانت “هجوما مباشرا على حركة حقوق الإنسان الفلسطينية، وعلى حقوق الإنسان في كل مكان”.

وكما ذُكر، فإن هذا التصنيف “يحظر فعليا عمل هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان، ويسمح للجيش الإسرائيلي باعتقال موظفيهم، وإغلاق مكاتبهم، ومصادرة أصولهم، وحظر أنشطتهم وعملهم في مجال حقوق الإنسان”.

 

انتهاك حقوق الإنسان

مراقبة المدافعين الحقوقيين الفلسطينيين تنتهك حقهم في الخصوصية، وتقوّض حريتهم في التعبير وتكوين الجمعيات، وتهدد أمنهم الشخصي وحياتهم.

كما يمكن استخدام أي معلومات مقرصنة من الأجهزة لمحاكمة المدافعين الحقوقيين والمعارضين وغيرهم ممن يتحدّون السلطات أو يجرؤون على الوقوف في وجه من هم في السلطة، أو مراقبتهم، أو مضايقتهم، أو احتجازهم.

تعرضت المنظمات المستهدفة أيضا لمضايقات سابقة من قبل السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك الترهيب والاحتجاز التعسفي للموظفين وحظر السفر ومداهمات المكاتب ومصادرة المعدات. هذا وطبقت الحكومة الإسرائيلية أيضا بعض هذه الأساليب على دعاة حقوق الإنسان الدوليين والإسرائيليين.

هذا الاستهداف للمدافعين الحقوقيين باستخدام بيغاسوس يوفر دليلا إضافيا على نمط الانتهاكات الحقوقية التي سهّلتها مجموعة إن إس أو من خلال بيع برامج التجسس إلى الحكومات التي تستخدم التكنولوجيا لملاحقة المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في العديد من البلدان حول العالم. تُبيّن هذه الانتهاكات أيضا تقاعس سياسة حقوق الإنسان لمجموعة إن إس أو عن منع الانتهاكات الحقوقية والتخفيف من حدتها بطريقة مجدية.

 

دعوة لاتخاذ اجراءات

وطالبت المنظمات الحقوقية السبعة كل الدول على تنفيذ وقف فوري لبيع ونقل واستخدام تكنولوجيا المراقبة حتى يتم اعتماد ضمانات كافية لحقوق الإنسان، والضغط على خبراء الأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات عاجلة للتنديد بالانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها الدول والتي يسهلها استخدام برنامج التجسس بيغاسوس، ولتقديم دعم فوري وقوي لإجراء تحقيقات محايدة وشفافة في الانتهاكات.