يبدو أن الانقطاعات الجزئية في الخدمات وأنظمة تكنولوجيا المعلومات جراء الهجمات الالكترونية التي يقوم بها القراصنة حول العالم باتت أمراً معتاداً للدول والشركات. لكن المهاجمون قد نظموا صفوفهم وطوّروا معداتهم وحسّنوا استراتيجياتهم، وقد تكون بعض الهجمات المحتملة المتعلقة في سلسلة الإمدادات الغذائية العالمية أكثر خطورة من غيرها.

صحيح أن التسلل إلى نظام تكنولوجيا المعلومات الخاص بشركة طيران ما يميل إلى أن يكون مزعجا وأكثر اضطرابا من هجمات بسيطة أخرى، ولكنه ما زال مقبولاً أمام عدوى برامج الفدية التي أصابت شركة النفط في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال وأدت إلى حدوث نقص في الغاز، ما أثر على معظم السكان القاطنين في المنطقة المتضررة. فتخيلوا هجوما على سلسلة توريد الغذاء!

 

هجوم سلسلة الإمدادات الغذائية العالمية سيكون الأسوأ

في المثل أعلاه، لو استمر انقطاع الغاز لفترة أطول، لكانت الآثار وخيمة. فكان من المتوقع أن تتوقف أجزاء كبيرة من سلسلة التوريد الغذائي على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية في نهاية المطاف، مما سيتسبب في نقص وانقطاع في الصناعات الأخرى.

ومع ذلك، فإن أي هجوم الكتروني على منتجي الأغذية يمكن أن يؤدي إلى كارثة أوسع بسرعة أكبر. إذ يؤدي إيقاف تشغيل أنظمة تكنولوجيا المعلومات التي يستخدمها مصنعو المواد الغذائية إلى إحداث تأثير مدمّر وفوري، ناهيك عن إمكان تلف المواد المصنعة.

باتت تتحكم أنظمة الكمبيوتر الآن في جزء كبير من خط الإنتاج، مما يضمن تخزين المكونات واستخدامها بشكل صحيح، والحفاظ على معايير النظافة واستيفاء الشروط الصحية وغيره. إذا قام المتسللون باختراق هذه الأنظمة، فإن سلسلة التوريد بأكملها قد تكون معرضة للخطر أيضًا. من المحتمل أن يتم التلاعب بأي مكوّن في الطعام خلال خط الإنتاج بحيث لا يمكن ضمان جودة وسلامة المنتج النهائي. والأخطر بعد ذلك إن لم يعلم أحد بالهجوم والتلاعب الحاصل.

فمع تزايد رقمنة صناعة المواد الغذائية، تزداد تهديدات الأمن السيبراني. تمتد سلاسل الإمداد الغذائي الآن في جميع أنحاء العالم ويمكن للقراصنة مهاجمة أنظمة تكنولوجيا المعلومات في أي وقت. وفيما تؤدي العوامل الجيوسياسية بالفعل إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والحد من العرض، يمكن أن يؤدي هجوم إلكتروني كبير إلى نقص حاد في الامدادات مع تداعيات إنسانية كبيرة.

 

التخطيط للمستقبل

من أجل مواجهة التحديات المرتبطة بهذه المشكلة، يجب أن تزيد صناعة إنتاج الأغذية من مرونة نظام تكنولوجيا المعلومات. وهذا يعني بناء دفاعات متقدمة لتكنولوجيا المعلومات مماثلة لتلك المستخدمة في الصناعات الكبرى الأخرى مثل الطاقة والدفاع.

قد يعني هذا القيام باستثمارات كبيرة لترقية تكنولوجيا المعلومات المستخدمة بما يضمن تلبية معايير الأمان الحديثة. لم يتم تصميم الأنظمة الأمنية والتشغيلية القديمة أبدًا لتحمل برامج الفدية والبرامج الضارة المتطورة، لذا فهي تزيد من خطر التعرض إلى الهجمات الالكترونية.

سيحتاج منتجو الأغذية أيضًا إلى فحص سلسلة التوريد الخاصة بهم بعناية وتطوير أنظمة تكنولوجيا المعلومات العديدة التي يعتمدون عليها في الحصول على المكونات وشحن المنتجات النهائية ومراقبة المنتجات. سيحتاجون إلى البدء في استخدام أدوات الأمان “الذكية” التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف ومنع السلوكيات المشبوهة تلقائيًا. هذا النهج الاستباقي أسرع وأكثر فاعلية من استخدام برامج مكافحة الفيروسات التقليدية التي يمكنها فقط اكتشاف التهديدات “المعروفة”.

نظرًا لعدم الاستقرار العالمي الحالي والتهديد المتزايد باستمرار للهجمات الإلكترونية، يجب على منتجي الأغذية التحرك بسرعة. خلافاً لذلك، يمكن أن يكون لأي هجوم قادم على سلسلة الإنتاج والإمداد الغذائي عواقب وخيمة.