في سورية، تمت تصفية حركة الإنترنت بعدة طرق. تمت تصفية عناوين IP (العناوين الفريدة لخوادم الويب على الإنترنت) وأسماء المجالات (عنوان URL المكتوب في شريط العناوين) لحظر المواطنين من الوصول إلى مواقع ويب معينة مثل badoo.com أو amazon.com، ومناطق الشبكة بأكملها (بما في ذلك عدد قليل من الشبكات الفرعية الإسرائيلية )، كما تمت تصفية كلمات رئيسية لاستهداف محتوى معين مثل (ثورة، مظاهرة، بشار، …إلخ). من جهة أخرى، خضعت الرسائل الفورية وأدوات مثل Skype ومواقع مشاركة المحتوى مثل Metacafe أو Reddit للرقابة الشديدة، فيما اقتصرت الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي على محتوى وصفحات معينة، مثل صفحة “الثورة السورية” على الفيسبوك.
بشكل عام، هناك أربع طرق أساسية يتم من خلالها تنفيذ الرقابة على الإنترنت، وهي حجب عناوين الآي بي وفرز الكلمات المفتاحية وتسميم نظام أسماء النطاقات وحبس المخالفين.
1- حجب عناوين الآي بي IP Address
كما تعلم، يحتاج الجهاز المتصل بالإنترنت إلى عنوانه الخاص لتلقي البيانات، تمامًا مثل المنزل أو الشركة التي تحتاج إلى عنوان شارع لتلقي البريد الفعلي. هذا العنوان يسمى عنوان IP (بروتوكول الإنترنت) الخاص به. فعندما تتصل بموقع ويب أو خادم آخر عبر الإنترنت تكشف عادةً عنوان IP الخاص بك. هذا لا يكشف بالضرورة عن هويتك، لكن يمكنه أن يكشف عن بعض المعلومات عنك، مثل موقعك الجغرافي التقريبي أو اسم مزود خدمة الإنترنت الذي تستخدمه. وبناء على ذلك، بإمكان الحكومات إصدار أوامر لشركات الإنترنت تطالبها بحجب مواقع ونطاقات معينة، وقد يؤدي الإخفاق في الامتثال للأوامر الحكومية إلى غرامات كبيرة.
وبسبب عدم وجود الكثير من الشركات المزودة لخدمات الإنترنت في بلد ما، وتعرض قطاع الإنترنت على الصعيد العالمي إلى الاحتكار الشديد، يعني ذلك أنه لا يتعين على الحكومات سوى إجبار عدد قليل من كبار مزودي خدمات الإنترنت على اتباع التعليمات الخاصة بحجب عناوين الآي بي. والجدير بالذكر أن حجب عناوين الآي بي يعتبر من أكثر أشكال الرقابة شيوعاً.
على أي حال، تتيح لك خدمات مثل Tor إخفاء عنوان IP الخاص بك، مما يساعدك على إخفاء هويتك عبر الإنترنت، وهذا ما سوف نستعرضه لاحقاً في هذا الدليل.
2- تصفية الكلمات المفتاحية Keywords Filtering
قد ترغب بالبحث عن معلومات لا تريد حكومة البلد الذي أنت فيه إطلاعك عليها. إذ تقوم بعض الحكومات وخصوصاً في الدول القمعية بإصدار أوامر لمحركات البحث لكي تقوم بهذا النوع من تصفية الكلمات المفتاحية ومنع المواطنين من الوصول إليها. يعتبر تصفية الكلمات المفتاحية نوعاً آخر من الرقابة على المعلومات، ولا يتم في عمليات البحث فقط، وإنما في مواقع التواصل والدردشة وغيرها، مثلاً، يقوم تطبيق WeChat فعلياً بحجب المحادثات التي تتضمن كلمات مفتاحية من شأنها تقويض الحزب الحاكم في الصين.
3- تسميم نظام أسماء النطاقات DNS Poisoning and Spoofing
دعنا نتعرف أولاً ما هو نظام أسماء النطاقات (DNS)؟ هو الذي يقوم بتوجيه اسم النطاق (Domain Name) الخاص بموقع ويب معين أو النطاقات الفرعية فيه إلى عنوان (IP address) معين والعكس، ويتم استضافة هذا النظام على خادم أو سيرفر سحابي أو خاص يعمل بشكل اوتوماتيكي. فعندما تطلب الدخول إلى موقع ويب معين من المتصفح يتم الذهاب أولا إلى هذا النظام الخاص بنطاق الموقع الذي طلبته، ومن ثم يقوم النظام بمعالجة الطلب وتحويله إلى عنوان (IP address) الخاص بالصفحة المطلوبة من ذلك الموقع، ولكي تتم عملية التوجيه هذه يحتاج النظام إلى مستودع بيانات لحفظ أسماء النطاقات حيث يمكنه تخزين العديد منها ومن النطاقات الفرعية الخاصة بها وكل ما يرتبط بهم من عناوين (IP address).
قد يتعرض هذا النظام إلى الإصابة بالتسمم والخداع وهي عبارة عن هجوم باستخدام برنامج تخريبي يعمل على قطع طلبات المستخدم التي يكتبها في شريط البحث من خلال تغيير مسارها وتحويله إلى موقع مختلف بما يعرف بالتصيد phishing techniques للطلبات الواردة إلى الخادم المستضيف للنظام، أو من خلال تسميم نظام التخزين المؤقت للنظام الذي تم فيه تخزين أسماء النطاقات الرئيسية والفرعية الخاصة وجميع عناوين (IP address) المرتبطة بها.
غالباً ما يتم استخدام تسميم نظام أسماء النطاقات وفرز الكلمات المفتاحية بهدف الحصول على نظام رقابي أكثر شمولية.
4- فرض الغرامات والاعتقال Fines and Arrest
لا شيء يعطي مفعولاً في قمع الحريات كمفعول رمي شخص ما في السجن لقيامه بنشر أو قراءة معلومات مخالفة لأيديولوجية الحزب الحاكم. غالباً ما يُلاحظ هذا الأمر في الدول ذات الأنظمة الديكتاتورية أو المستبدة مثل الصين وسورية. يقدر عدد أفراد شرطة الإنترنت بقرابة 50,000 شخص. هؤلاء هم الأشخاص الذين يقومون برصد ومراقبة الأنشطة وإصدار المذكرات بحق “المخالفين”. يؤدي هذا الأمر إلى وجود مشاعر خوف تحيط بالأنشطة الإلكترونية. ومع أن جهاز الشرطة الإلكتروني كان يعمل خلف الكواليس في وقت من الأوقات، إلا أنه يعمل في العلن حالياً. يتمثل هدف هذا الجهاز حسب السلطات الصينية في “تنقية الإنترنت”.
في سورية، يتكون الجيش السوري الإلكتروني من مجموعة افتراضية (في الإنترنت) تضم عدداً من الناشطين المؤيدين للحكومة السورية تشكلت في بداية الثورة السورية ما بين عامي 2011 و 2012. يستهدف بعملياته الافتراضية المواقع المعارضة، ويستخدم من أجل التنسيق موقعاً خاصاً به بالإضافة إلى صفحات على الفيسبوك وتويتر ويوتيوب. نُسب إليه اختراق موقع تابع لمشاة البحرية الأمريكية، وذلك في الأول من سبتمبر 2013، حيث وضعت رسالة لمشاة البحرية تدعوهم إلى التفكير في التحالف الذي يجمع أوباما وتنظيم القاعدة.
ينفذ أفراد هذه المجموعة هجمات على المواقع الإخبارية والمدونات التي تنشر آراء معارضة للحكومة السورية، وهذه الهجومات تكون على شكل اختراقات أو بإغراق الصفحات بتعليقات مؤيدة لبشار الأسد أو تعليقات فيها اتهامات بالخيانة وغيرها من الشتائم الموجهة للمعارضين، أو إرسال عدد كبير من الشكاوى ضد صفحات معينة في الفيسبوك بقصد حث إدارة الموقع على إغلاقها.
يؤكد الجيش السوري الإلكتروني أن أفراده لا يتبعون أي جهة: “نحن لسنا جهة رسمية ولا مكلفين من قبل أحد، نحن شباب سوريون لبينا نداء الوطن والواجب بعد تعرض وطننا الحبيب سوريا لهجمات على الإنترنت قررنا الرد وبعنف باسم الجيش السوري الإلكتروني ونحن صامدون… باقون… سوريون”.