من أجل التظاهر بطريقة أكثر فعالية وأمانًا، من المفيد التنسيق مع مجموعة من الأصدقاء أو الزملاء من أجل العمل معًا والاعتناء ببعضكم البعض. في هذا الجزء، سنفكّر في بعض التكتيكات المفيدة الخاصة بتنسيق تحركاتنا لكي نحافظ على سلامتنا وسلامة الآخرين.

إنشاء مجموعة متجانسة

المجموعة المتجانسة، هي مجموعة صغيرة مكونة من الأصدقاء أو الزملاء، يقومون بإعداد المظاهرة وتنفيذها ويغادرونها معًا، ويتفاعلون مع المظاهرة الأكبر على أنهم وحدةواحدة. يضعون خطة أمنية معًا، ويوزعون الأدوار في ما بينهم، ويتعاملون مع حالات الطوارئ. يتراوح عدد أعضاء المجموعات المتجانسة عادةً من شخصين إلى 15 شخصًا، أي أنها صغيرة بما فيه الكفاية لتسمح بالمشاركة الشخصية والثقة المباشرة واعتناء الأعضاء ببعضهم البعض. يمكن تشكيل هذه المجموعات لنشاط خاص (مثلاً، تحرّك سلمي أو مظاهرة) أو لتشكيل جزء من حركة مستمرة. قد تكون هذه المجموعات مجموعات لها استقلاليتها أو قد يشكّل عدد منها جزءًا من مجموعة أكبر.

في حال أردتم تشكيل مجموعة متجانسة عليكم أن توزعوا الأدوار (من يسيّرها ومن يمثلها ومن المسؤول عن التواصل مع الإعلام ومن يتولى الدعم الطبي ومن يرصد الأجواء، ألخ) وأن تحددوا آلية لاتخاذ القرارات. لا بد من المحافظة على التواصل بين أفراد المجموعة خلال التحرّك والتعامل مع حالات الطوارئ سويًا والمغادرة سويًا.

خصصوا الوقت الكافي للتخطيط لتحرّككم معًا، وادرسوا وجهات نظر بعضكم البعض حول المسائل الأمنية. من بعد التحرّك، من الأفضل أن تغادروا المكان معًا وتستخلصوا العبر. يفضّل أن يتمتع عضو أو عضوان من المجموعة بمهارات الإسعافات الأولية والرعاية النفسية الاجتماعية في حالات الطوارئ.

الاهتمام بالرفاه

من أجل جعل عملنا كناشطين عملاً مستدامًا على المدى الطويل، علينا أن نعتني ببعضنا البعض. يعتبر الإجهاد والإرهاق والصدمات من ضمن التهديدات الأهم المحدقة بأي ناشط. والمحافظة على رفاهنا لا يعني تدليل أنفسنا. في الواقع، التعامل مع تهديدات كالصدمات والتشاؤم والإرهاق ضروري وسياسي وأساسي. فالتظاهر قد يكون مرهقًا على المستوى الجسدي والنفسي، لذا فكروا في ما يلي قبل القيام بأي تحرّك:

· ما هو رد فعل جسدكم وذهنكم عادة حين يصبح مستوى الإجهاد لديكم غير صحيٍّ؟ حددوا الممارسات أو الموارد التي تساعدكم على العودة إلى الحالة الطبيعية على المستويين الذهني والجسدي وحددوا كيفية دمجها ضمن تحرككم.

· عززوا ضمن مجموعتكم المتجانسة ثقافة تشجع على التحدّث عن المخاوف وعن الإجهاد والتجارب الصادمة بكل صراحة.

· اعتمدوا سياسة الإنصات لبعضكم البعض وبناء علاقات التضامن والرعاية بين بعضكم البعض.

· خلال المظاهرة، احرصوا على توفير ما يكفي من الطعام والماء، وكونوا جاهزين للتعامل مع ظروف مناخية مختلفة. راجعوا الفصل التالي ما يجب جلبه للاطلاع على المزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع.

· بعد المظاهرة، احرصوا على توفير الوقت الكافي لاستخلاص العبر مع مجموعتكم المتجانسة ما إن تصلوا إلى مكان آمن.

· احرصوا على اتاحة الفرصة الكافية لإجراء المشاركة الضرورية وتقديم الدعم اللازم للمجموعة، ولكن امضوا بعض الوقت وحدكم للتفكير في التجربة التي مررتم بها للعودة إلى حياتكم اليومية.

بناء حركة تشمل الجميع

عندما نتحدث عن الأمن، لسنا نتحدث فقط عن حماية أنفسنا من الغاز المسيّل للدموع. بالنسبة للعديد منا، ينبع الاحساس بالأمان من الاحساس بالانتماء والتضامن والاحترام المتبادل، لا سيما في سياق نكون فيه عرضة للتمييز أو للعنف، بسبب نوعنا الاجتماعي أو عرقنا أو توجهنا الجنسي أو مظهرنا أو عوامل أخرى.

نحن الذين لا نتعرض للتمييز أو نتمتع بامتيازات أكثر، قد لا نلاحظ حتى أننا نعيد إنتاج امتيازنا ونساهم في التهميش عبر تحركاتنا حين نخطط أو نشارك في مظاهرة. ما نسبة تولي مواقع التفسير ضمن حركتكم من قبل أشخاص ينتمون لمجموعة لها امتيازات تقليديًا (مثلاً: الرجال الذين يتطابق نوعهم الاجتماعي مع جنسهم)؟ غالبًا غياب العدالة ينتج عن الامتيازات والتمييز الموروثين، على أساس الهوية الجندرية أو العرق أو الدين أو التوجه الجنسي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي أو التربوي، أو عوامل أخرى مشابهة.

إذا أردنا محاربة الظلم في مجتمعنا، علينا أن نحاربه أيضًا ضمن مجموعة الدفاع عن حقوق الإنسان الخاصة بنا. ألقوا نظرة على مجموعتكم لمعرفة ما إذا كان يتوجب عليكم توزيع المسؤوليات بشكلٍ عادل أكثر على مختلف الفئات الموجودة. في حال كانت أجزاء معينة من المجموعة تستحوذ على كل السلطة، عليكم تغيير ذلك. فكروا في إعطاء الأشخاص الفرص التي يحرمون منها عادة لكونهم من فئات معينة.

لا يجب التسامح أبدًا مع أي نوع من أنواع التمييز أو التحرّش الجنسي أو العنف ضمن حركتكم. يجب أن توضحوا للجميع أنه في حال ارتكب أحد أي من هذه الأفعال سيعاقب أو يطرد من الحركة. لا يمكن أن تشكّل هذه المسائل مادة للسخرية والنكات. تنبهوا إلى أن الأشخاص المعرضين للتمييز بحاجة أيضًا لتدابير حماية خاصة أو  لمزيد من الإشراك. تطرقوا لهذه المسألة أثناء وضعكم للخطة الأمنية وفكروا على ضوئها بالتكتيكات اللازمة.