السيارات ذاتية القيادة قادمة لا محالة، وقد نراها تتنقل قريبا داخل شوارع عدد من المدن المتقدمة تكنولوجيا حول العالم. مدينة دبي على سبيل المثال، بدأت تستعد منذ عام 2016 لتكون في طليعة هذه الثورة. إذ أطلقت هيئة النقل البري في دبي بالتعاون مع القطاع الخاص، استراتيجية وطنية تهدف إلى تحويل 25% من جميع الرحلات الداخلية إلى وضعية القيادة الذاتية بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن يحدث ذلك في وقت أقرب بكثير، مع حلول اكسبو دبي 2020 المنتظر.

في الوقت الحاضر، هناك أكثر من 30 شركة في جميع أنحاء العالم أعلنت أنها تعمل على تطوير تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة، ويبدو أننا سنشهد ظهور هذه السيارات النموذجية في اكسبو دبي 2020. بحيث تخطط دولة الامارات إلى بدء تطبيق تكنولوجيا القيادة الذاتية في بادئ الأمر ضمن شركات سيارات الأجرة وقطاع النقل العام.

خطر قادم على سائقي قطاع النقل العام!

صحيح أن هناك العديد من الإيجابيات الواضحة لتطبيق خطة “التاكسي ذاتي القيادة”، أبرزها تحسن حركة السير إلى حد كبير وانخفاض نسبة الازدحام المروري. ولكن في المقابل، سيواجه قطاع النقل العام بعض التداعيات السلبية، مثل الخطر المتمثل بوقف توظيف سائقين بشريين.

في الحقيقة، لم تعد مهنة قيادة سيارات الأجرة موجودة رسميا. بحيث أدى وصول “أوبر” و”كريم” وغيرها من الشركات التي تستقطب الركاب عبر تطبيقات الهاتف المحمول، إلى تكثيف الضغط على هذا القطاع. وبات يمكن لأي شخص يملك سيارة ورخصة قيادة أن يصبح سائق تاكسي بدوام جزئي أو حتى بدوام كامل، بشكل سريع وسهل.

ومع الكشف عن خطة Uber النهائية في إطلاق أساطيل سيارات أجرة ذاتية القيادة في عدد من المدن حول العالم، قد تزول بشكل كامل وظائف سائقي سيارات الأجرة “المدنيين”، خصوصا مع دخول شركات التاكسي المنافسة في هذا السباق التكنولوجي المحتدم نحو الاستقلالية في القيادة.

وتشير الإحصاءات إلى أن هناك حوالي 1.5 مليون سائق في الولايات المتحدة يعملان عبر تطبيقي Uber وLyft فقط، ويجب أن يفترض هؤلاء الأفراد أن ناقوس الخطر بدأ يقترب من فرص عملهم الحالية. ومع ذلك، من المتوقع أن تتأثر مهنة قيادة الشاحنات أكثر من غيرها مع وجود حوالي 3.5 مليون سائق شاحنة محترف في الولايات المتحدة. إذ يعتقد معهد ماكينزي العالمي أن 1.5 مليون وظيفة ستفقد على مدى السنوات العشر المقبلة في هذا القطاع، فيما يشير تحليل منتدى النقل الدولي إلى أن مليوني سائق شاحنة أميركي وأوروبي يمكن أن يتم طردهم مباشرة من العمل بحلول عام 2030.

سائقو الحافلات والترام سيتأثرون أيضا، فالعديد من أنظمة المترو حول العالم باتت اليوم من دون سائق بالفعل. آخرون معرضون للخطر، مثل العاملين على شاحنات الرافعة الشوكية في المستودعات، والأشخاص الذين يشغلون المركبات المستخدمة في الزراعة والبناء. وبالعودة إلى الأرقام، تشير مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية الأمريكية “غولدمان ساكس” إلى ارتفاع معدل فقدان الوظائف في القطاع المذكور بمقدار 300 ألف وظيفة سنويا في الولايات المتحدة. فيما يشير مكتب إحصاءات العمل إلى أن 3.8 مليون شخص قد يخسرون رزقهم أمام التحول التكنولوجي المتمثل باستبدال البشر بآلات ذاتية القيادة.

ثورة في النقل الجوي داخل المدن

الأمور لا تقف عند هذا الحد، بل ستقوم الشركات لاحقا بإطلاق خدمة السيارات الطائرة أو التاكسي الطائر من دون سائق. قد يبدو الأمر مستبعد وصعب المنال، لكن العديد من شركات التوصيل حول العالم باتت تستخدم تكنولوجيا الطائرات لنقل البضائع وتوصيل الأغراض. والمثير للاهتمام فعلا هو مدينة دبي التي قامت بنقل سيارات الأجرة الطائرة بدون سائق من التصاميم الورقية إلى مرحلة الاختبار الميداني، بدعم وتدريب حكومي كامل.

ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة لمشروع Virgin Hyperloop One الذي من المتوقع أن يربط بين مدينتي دبي وأبو ظبي. وهو عبارة عن كبسولة تعمل بالهواء المضغوط، قادرة على نقل الأشخاص بسرعة تصل إلى 1200 كيلومتر / ساعة خلال دقائق قصيرة، لمسافات تستغرق اليوم ساعات لاجتيازها.

يظهر بوضوح تام أنه يتم احتضان تكنولوجيا القيادة الذاتية في العديد من المجالات الصناعية حول العالم، ويبدو أن الآلات الذكية قادمة إلى الحياة بسرعة، وسترى النور خلال السنوات القليلة الماضية لتحل مكان الإنسان وتضع العديد من الوظائف في خانة الخطر.