بعد أن نحدد التهديدات المحدقة بنا ونحللها بالتفصيل، يمكننا البدء بتحليل كيفية التعامل معها. وعندما يحين وقت بناء إستراتيجية أمنية، لن نضطر للبدء من الصفر؛ فبالإضافة إلى حدسنا الذي يساعدنا على تفادي التهديدات المحدقة حياتنا اليومية أو التعامل معها، لدينا بعض الممارسات الاجتماعية – أي “المنطق العام” – التي تحمينا من الأذى في أغلب الأحيان.
في هذا الفصل، سننظر إلى هذه الممارسات بالإضافة إلى قدراتنا الأخرى، وإلى نقاط ضعفنا أيضًا، من أجل تعزيز التفكير النقدي وتفادي الإحساس الخاطئ بالأمان.
التهديدات والقدرات ونقاط الضعف
من أجل بناء طريقة للتعامل مع التهديدات المحدقة بنا، يمكننا التفكير بها استنادًا إلى العوامل التي تجعلنا أكثر أو أقل عرضة لها. هذه العوامل هي قدراتنا ونقاط ضعفنا:
• قدراتنا تحمينا من تهديد معيّن (أي تقليص احتمال حدوثها أو أثرها)
• نقاط ضعفنا تجعلنا أكثر عرضة لتهديد معيّن (أي تزيد من احتمال حدوثها أو أثرها)
قد تكون قدراتنا ونقاط ضعفنا ميزات خاصة بنا، أو بجهات فاعلة أخرى أو بسياقنا وهي مرتبطة بأمننا. بعد القيام بتحديدها، يمكننا العمل على تقليص نقاط ضعفنا وبناء قدراتنا من أجل خفض احتمال حدوث التهديد أو أثره، وبالتالي، تقليص الخطر الذي يشكّله كل تهديد.
الممارسات والقدرات المتوفرة
كما سبق وذكرنا آنفًا، من المنطقي أن نبدأ بإجراء تقييم ممارساتنا وقدراتنا الأمنية الحالية. سيتخذ معظم الأشخاص أصلاً عددًا من التدابير الأمنية الأساسية في حياتهم اليومية: يعتبر إقفال باب مكتبكم واستخدام كلمات سر قوية لحساباتكم على شبكة الإنترنت من ضمن الإجراءات الأمنية. ولكن لا يكفي أن نرضى بها – فالإحساس الخاطئ بالأمان قد يكون خطيرًا أيضًا. علينا أن نسأل أنفسنا: هل تكفي ممارساتنا الحالية في وجه التهديدات التي قمنا بتحديدها؟ هل أخذنا مستويات الإجهاد والمحافظة على رفاهنا العام بعين الاعتبار؟
دعونا ننظر إلى قدارتنا ونحدد أي منها مناسب للجوانب المختلفة للتهديدات التي حددناها سابقًا: إليكم بعض الأمثلة:
• في حالة التضييق القانوني: دراية جيّدة بالقوانين
• في حالة مصادرة أجهزة الحاسوب: تشفير الأقراص الصلبة مسبقًا.
تحديد الثغرات ونقاط الضعف
تبدأ الخطوة التالية بسؤال أصعب بقليل: ما هي الثغرات المتبقية التي تجعلنا عرضة لهذه التهديدات؟ ما هي السلوكيات الضارة أو المعلومات أو المهارات الضرورية التي تنقصنا وتشكّل نقاط ضعف؟ التفكير في نقاط ضعفنا وتحديدها عملية صعبة من الناحية العاطفية. ولكن من شأن عملية التفكير هذه أن تساعدنا أيضًأ في تحديد بدقة أكبر الموارد والمهارات الجديدة التي نحتاج إليها لبناء وتحصين أمننا.
وعند التفكير بهذه المسألة، لا تنسوا أن أي نقص في المعلومات اللازمة، أو أي إجهاد أو خوف أو صدمة قد يؤدي إلى نشوء مخاوف لا أساس لها من الصحة، أو تهديدات غير مرصودة. ولكن، علينا أن نحافظ على التوازن بين البقاء على إطلاع وبين الإفراط في التفكير! يمكننا اتخاذ خطوات معينة للتحقق من حسّنا الإدراكي بواسطة نقاشات جماعية أو عبر التحدّث مع حلفائنا وأصدقائنا الموثوق بهم.
استنادًا إلى تحليلنا في التمارين السابقة، يمكننا التفكير في التفاصيل التي نعرفها عن التهديدات المحدقة بنا، وفي ممارساتنا الحالية لتفاديها أو التخفيف من أثرها.
تحديد القدرات الجديدة
بعد كل ذلك، يفترض أن يكون لدينا فكرة واضحة عن التهديدات المحدقة بنا، وعن قدراتنا ونقاط ضعفنا المرتبطة بكل تهديد منها، بالإضافة إلى بعض الثغرات والتحسينات التي يجب إدخالها على ممارساتنا. ويمكننا التفكير ببناء قدرات جديدة لسد هذه الثغرات، تحديدًا من أجل تحسين رفاهنا أثناء العمل. حاولوا إنجاز التمرين المرفق ربطًا أدناه للتأسيس لجلسة تبادل أفكار حول القدرات الجديدة التي ترغبون في تطويرها.
تابعوا قراءة الفصول اللاحقة للتعرّف بعض الديناميكيات المتعلقة بكيفية تطوير وتطبيق القدرات الجديدة ضمن إستراتيجية أمنية عامة.