بعد أن تتضح لنا الصورة بشأن التهديدات المحدقة بنا أثناء تنفيذنا لنشاطاتنا، يمكننا البدء بتنظيم بروتوكولاتنا الأمنية ضمن إطار خطط أو اتفاقات أمنية. قد تكون هذه الخطط مستندات رسمية مكتوبة أو اتفاقات مشتركة غير رسمية، ولكن في كلا الحالتين يجب أن تعتبر قابلة للتطبيق. ويجب أن تخضع للتحديث والمراجعة بشكلٍ دوري.

ويمكننا أن ننظم هذه الخطط والاتفاقات وفقًا لأي منطق يناسبنا، وفقًا للنشاطات مثلاً ،أو المنطقة التي نعمل فيها أو الأشخاص أو يوم الأسبوع، أو وفقًا لأي مقياس مناسب لطريقة عملنا. ولكن مهما كانت طريقة تنظيم خططنا، لا بد من الحفاظ على بعض العناصر التي يجب أن تتوفر في أي خطة جيّدة.

عناصر الخطط والاتفاقات الأمنية

تهدف معظم الخطط الأمنية الجيدة لتحقيق واحد أو كلا الغرضين التاليين:

  •   الوقاية من التهديدات: تتوفر تكتيكات تهدف إلى منع التهديدات المرصودة من الحدوث (أي التخفيف من احتمال حدوثها)
  •   كيفية العمل في حالات الطوارئ: تعرف أيضًا باسم خطط الطوارئ، هذه هي الخطوات التي نتخذها للتعامل مع تهديد قد يتحول إلى تهديد حقيقي. هدفها عادة التخفيف من أثر الحدث والتقليص من أي أذى إضافي في أعقاب الحدث وردع  المعتدين (إن وجدوا) من التسبب بمزيد من الأذى والضرر.

لكل تهديد من التهديدات التي قمنا بتحديدها، علينا عادة أن نضع تكتيات وقائية وتكتيكات استجابة على حدٍ سواء (راجعوا تكتيكات التقبّل والردع والحماية). سنستكشف أدناه بالتفصيل ما يعني ذلك في حالات مختلفة.

الوقاية من التهديدات

تتوافق تكتيكات الوقاية المتعددة مع ما يرد في إستراتيجيات التقبّل والردع والحماية الخاصة بنا (أو الدفاع عن النفس).  قد تشمل هذه التكتيكات حملات مناصرة أو أشكال أخرى من إشراك الناس أو السلطات المدنية والعسكرية، من أجل رفع مستوى الوعي والتقبل حيال عملنا. أو قد تتضمن هذه التكتكيات عملية تعزيز لعلاقاتنا مع حلفائنا أو تكتيكات أخرى من شأنها بناء قدراتنا ومهاراتنا الذاتية.

من بعد الإنتهاء من تنفيذها، تصبح هذه الأنواع من الإجراءات بسرعة جانب “طبيعي” من عملنا وحياتنا الشخصية، مع أن التأقلم معها يتطلب بعض الوقت.

التعامل مع حالات الطوارئ

حتى أفضل الخطط الموضوعة معرضة للفشل. ففي بعض الأحيان، ربما بسبب تغييرات سريعة في الظروف، نتعرض لاعتداءات أو حوادث على الرغم من بذل أقصى جهودنا للوقاية منها. لذا تتيح لنا خطط الطوارئ الموضوعة، إمكانية التعامل مع الحوادث الأمنية بطريقة منظمة، والحد من الأذى والضرر.

خطط الطوارئ عادة مخصصة لحالات محددة. كما سبق وناقشنا في القسم الثاني: الاستكشاف، قد تكون التهديدات أحيانًا وليس دائمًا تهديدات محددة الهدف؛ وقد تؤثر الجرائم الصغيرة أو الكوارث الطبيعية على عملنا بشكلٍ جدّي، وهي تهديدات شائعة يعاني منها عدد كبير من المدافعين عن حقوق الإنسان، لذا لا بد من وجود خطط طوارئ لمثل هذه الاحتمالات في حال كنتم تعتبرون أنها تشكل خطرًا عليكم.

بعض الأمثلة البسيطة قد تتضمن توفر القدرة على الاتصال بمحامٍ جيد أو الاتفاق على رسائل تحذير مشفرة تُرسل في حال التعرّض للاعتقال خلال مظاهرة، أو بكل بساطة توفر علبة إسعافات أولية في المكتب في حال التعرّض لإصابة ما.

الرفاه والأجهزة

لا بد من اعتماد تكتيكات خاصة برفاهنا الخاص وبإدارة أجهزتنا ومعلوماتنا. علينا التفكير أيضًا بالخطوات العملية التي يجب أن نتخذها للمحافظة على طاقتنا البدنية، وعلى مقاربة واعية لعملنا وأمننا – مثلاً: تحديد مكان وموعد تناولنا للطعام، والاسترخاء والتمتع بوقتنا من دون أن ننسى أن هذه العناصر مهمة بالقدر ذاته. علينا أيضًا التفكير في الأجهزة التي نعتمد عليها لإجراء عملنا، والتكتيكات التي تضمن تحكمنا بهوية الأشخاص القادرين على الوصول إلى معلوماتنا واتصالاتنا.

هذا مثال عن خطة أمنية بسيطة مخصصة للمدافعين عن حقوق الإنسان، سيتضح لكم ما سيبدو عليه كل هذا عند التطبيق.

كما ذكرنا في القسم الأوّل، توفر خطط أمنية متينة ومواكبة للتطورات عنصر أساسي لدعم قدرتنا على الصمود والتحرّك، ولكنها لا يمكن أن تحل مكانها. بالإضافة إلى التحليل والتخطيط المفصّلين، علينا أن نكون جاهزين لحصول ما هو غير متوقع. وفي حين أن الخطط والاتفاقات الأمنية أدوات ضرورية ومفيدة، تعتبر القدرة على التحرّك والتخلّص منها في حال لزم الوضع ذلك مهمة وضرورية بالقدر ذاته، إن لم نقل أنها تزيدها أهمية. ولا بد من التحلي بحس من الرصانة والهدوء عند التعرض لأوضاع لم نخطط أو لم نتمكن من التخطيط لها.

أما بالنسبة للمجموعات أو المنظمات، قد تتطلب عملية التخطيط إجراء خطوات إضافية لضمان عدم تأثر ديناميكيات المجموعة سلبًا. سنتوسع في هذا الجانب بالتفصيل في الفصل القادم.