يبدو أن المخابرات المغربية قد دفعت أموالاً طائلة للحصول على برنامج التجسّس الشهير “بيغاسوس” من شركة NSO الإسرائيليّة، مما سمح لها بمراقبة أكثر من 10 آلاف رقم هاتفي يعود بعضها إلى عدد من الصحافيين والناشطين. وذلك بحسب ما كشفت عنه مؤسسة Forbidden Stories العالمية.

وكان قد كشف التقرير الجديد الصادر عن المؤسسة أن عملاء شركة المراقبة الإلكترونية NSO قد اختاروا ما لا يقل عن 200 صحافي من جميع أنحاء العالم كأهداف لهم. هذا التقرير هو جزء من مشروع بيغاسوس The Pegasus Project، وهو تحقيق يقوم به اتحاد عالمي يضم أكثر من 80 صحفياً من 17 مؤسسة إعلامية في 10 دول، بالتنسيق مع Forbidden Stories وبدعم فني من مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية Amnesty International’s Security Lab.

 

من ضحايا المخابرات المغربية

لا بدّ من الإشارة بوضوح إلى أنّ موضوع استهداف 10 آلاف رقم من السلطات المغربية قد لا يعني بالتأكيد أنّ هواتف هؤلاء الأشخاص قد تمّ اختراقها كلها. من المؤكد أن هذه التكنولوجيا ستسمح للأجهزة الرسمية بالتجسس على عدد من الأشخاص المستهدفين، فيما أكدت التحليلات المخبرية التي قام بها مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية حدوث هذه الاختراقات.

وفيما لم تنجح الوسائل التقليدية في قمع الصحافيين، لجأت السلطات المغربيّة إلى استهدافهم إلكترونياً عبر اختراق هواتفهم وسرقة بياناتهم وابتزازهم بمعلوماتهم الشخصيّة. كما أن الكثير من الصحافيين الذين تمّ التنصّت عليهم يقبعون اليوم في السجون بتهم ملفقة مثل الاغتصاب والاعتداء الجنسي وغيره.

 

الصحافي عمر راضي

صحافي استقصائي مغربي تم التنصت عليه عبر برنامج بيغاسوس. يقبع تحت الاعتقال الاحتياطي في السجن منذ تمّوز 2020 بتهم عدة أبرزها التجسّس والاغتصاب.

وفق التحقيق الذي أجرته Forbidden Stories، بدأ استهداف عمر مع بداية عام 2019، فيما تم تحديد الهجوم الأخير قبل اعتقاله في كانون الثاني 2020. إذ قامت السلطات باختراق تطبيقات هاتفه مثل “سيغنال” و”واتساب” وحصلوا على محتوى الدردشات، كما أنهم استطاعوا الوصول إلى مضامين التسجيلات الصوتية وغيره.

راضي كان صحافياً مخضرماً وعالماً بأساليب التنصت وكيفية حماية نفسه منها، لكن برنامج بيغاسوس المتطور يعمل تلقائياً بخلاف التقنيات الأخرى، أي أنه لا يتطلّب أي تفاعل من الشخص المستهدف لتفعيل البرنامج.

تجدر الإشارة إلى أن راضي كان يجري تحقيقات عن العلاقة بين رجال السياسة وبعض الشركات ورجال الأعمال وقضايا الفساد، فضلاً عن مواضيع تتعلق بانتهاكات حقوق الانسان والإفلات من العقاب وانتقاد النظام القضائي المغربي.

 

الأستاذ الجامعي المعطي المنجب

أستاذ جامعي ومؤرّخ مغربي وكاتب رأي ومؤسس مشارك في منظمة “الحرية الآن” (Freedom Now). وهو أيضاً مؤسس مشارك في “الجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية”  (AMJI).

شعر المنجب منذ عام 2015 بأنّ جهازه كان مراقبا من المخابرات المغربيّة. وتأكّد من ذلك بعد التحليل المخبري الذي قامت به منظمة العفو الدولية عام 2019.

تم اتهامه بتبييض الأموال، وبعد ثلاثة أشهر في السجن، تمّ الافراج عنه في أواخر آذار 2021 بشكلٍ موقت. ثم تم اتهامه مع أربعة أشخاص آخرين بالمس بالسلامة الداخلية للدولة، مما قد يعرّضهم في حال إدانتهم إلى عقوبة السجن لمدة قد تصل إلى خمس سنوات. والمحاكمة لا تزال جارية حتى الآن.

 

المحامي عبد الصادق البوشتاوي

محام وحقوقي مدافع عن حقوق الإنسان. دافع عن حقوق المحتجين في الحراك المغربي، وفي احتجاجات العدالة الاجتماعية في حراك الريف خلال عامي 2016 و2017.

حُكم عليه في شباط 2017 بالسجن لمدة 20 شهراً، ودفع غرامة مالية، بسبب انتقاده السلطات المغربية على استخدام القوة المفرطة خلال الاحتجاجات. بعد ذلك، انتقل للعيش في فرنسا منذ منتصف عام 2018.

أكد التحليل المخبري الذي قامت به منظّمة العفو الدوليّة اختراق هواتف كلّ من راضي والمنجب وارتباط هذه الاختراقات بشركة NSO الإسرائيليّة. ولكنه رجّح أن الاختراق قد شمل البوشتاوي أيضاً من دون تأكيد ذلك علمياً.

 

الصحافي توفيق بوعشرين

صحافي مغربي، شغل منصب رئيس تحرير “الجريدة الأخرى”، ومدير نشر جريدة “أخبار اليوم” المعارضة. عُرف بوعشرين بمقالاته النقديّة للنظام الحاكم. حُكم عليه بالسجن 15 عاماً بتهمة الاعتداء الجنسي على عدد من النساء، وهو في السجن منذ شباط 2018.

تُبيّن التسريبات الأخيرة أنّ المدّعيات على بوعشرين باغتصابهن كُنّ تحت الاستهداف ببرنامج بيغاسوس ما يرجّح أن يكون قد تمّ ابتزازهن من أجل الادّعاء على بوعشرين، خصوصاً أنّ اثنين منهنّ قد تراجعتا عن الادّعاء وقالت إحداهما أنّها تعرّضت للضغط من الشرطة للقول بأنّ بوعشرين اعتدى عليها جنسيّاً. وعلى رغم رفضها، علمت لاحقاً أنّه تمّ تزوير كلامها.

 

الصحافية هاجر ريسوني والصحافي سليمان ريسوني

هاجر صحافية معروفة في جريدة “أخبار اليوم”، حُكمت بالسجن لمدّة عام بتهمة “الإجهاض وممارسة الجنس خارج إطار الزواج”.

سليمان صحافي ورئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم”. اعتقل أيضاً منذ حزيران 2020 بتهمة الاعتداء الجنسي.

 

لم تكشف التسريبات الأخيرة الموجودة في التحقيق عن تفاصيل الجهة الحكومية التي تقف وراء محاولات التنصّت، إلّا أن الجهات الأكثر ترجيحاً هي المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED) التابعة لمديريّة الاستعلامات (جهاز لمكافحة التجسّس يرتبط مباشرة بالمؤسسة الملكية المغربية)، المكتب الثاني (الجهة المسؤولة عن المخابرات العسكرية في الجيوش الأجنبية ومراقبة المراكز الحدودية البرية)، أو المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.